الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد
{وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله} [الشورى: من الآية53] وقوله: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} [النور: من الآية63] فقرن الله عز وجل طاعته بطاعته وأوعد على مخالفته وأخبر أنه يهدى إلى صراطه وبسط القول في هذا موجود في كتب الأصول وليس في هذه الآية دليل على أن لا حرام على أكل إلا ما ذكر فيها وإنما فيها أن الله أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم وأمره أن يخبر عباده أنه لم يجد في القرءان منصوصا شيئا محرما على الآكل والشارب إلا ما في هذه الآية وليس ذلك بمانع أن يحرم الله في كتابه بعد ذلك وعلى لسان رسوله أشياء سوى ما في هذه الآية.وقد أجمعوا أن سورة الأنعام مكية وقد نزل بعدها قرءان كثير وسنن عظيمة وقد نزل تحريم الخمر في المائدة بعد ذلك وقد حرم الله على لسان نبيه أكل كل ذي ناب من السباع وأكل الحمر الأهلية وغير ذلك فكان ذلك زيادة حكم من الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم كنكاح المرأة على عمتها وعلى خالتها مع قوله: {وأحل لكم ما وراء ذلكم} [النساء: من الآية24] كحكمه بالشاهد واليمين مع قول الله {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان} [البقرة: من الآية282] وما أشبه هذا كثير تركناه خشية الاطالة ألا ترى أن الله قال في كتابه {إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} [النساء: من الآية29] وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء من البيوع وان تراضا بها المتبايعان كالمزابنة وبيع ما ليس عندك وكالتجارة في الخمر وغير ذلك مما يطول ذكره وقد أجمع العلماء أن سورة الأنعام مكية إلا قوله: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم} [الأنعام: من الآية151] الآيات الثلاث وأجمعوا أن نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع إنما كان منه بالمدينة ولم يرو ذلك عنه غير أبي هريرة وأبي ثعلبة الخشني وإسلامهما متأخر
النسخة المطبوعة رقم الصفحة: 146 - مجلد رقم: 1
|